بحث مدرسي جاهز حول يوم العلم

يوم العلم

إن بناء أي حضارة إنسانية يلزمه أفراد لديهم القوة والعزيمة والإصرار لبناء تلك الحضارة، ويلزمه العلم الذي يمثل خارطة الطريق بالنسبة لهؤلاء الأفراد حيث يوجههم إلى الطريق الذي يسيرون فيه. ويجعلهم يبذلون جهودهم في المكان الصحيح دون أخطاء، لذلك يمكننا أن نقول أن العلم هو عماد أساسي لأي حضارة بالعالم، والتاريخ أيضًا يثبت ذلك.

عانت الجزائر كثيرًا من ويلات الاحتلال وذاقت مدى مرارته وقسوته، فهي أولى الدول العربة التي تعرضت لشراسة وهمجية وعدوان الاحتلال، حيث مرت الجزائر بكل هذا حين قررت فرنسا احتلالها.

وقُدّر أن يكون مغتصبها الفرنسي من أقسى المحتلين سلوكًا واتجاهًا، حيث استهدف طمس هوية الجزائر ودمجها باعتبارها جزءًا من فرنسا، ولم يترك وسيلة تمكنه من تحقيق هذا الغرض إلا اتبعها، فتعددت وسائلة، وإن جمعها هدف واحد، هو هدم عقيدة الأمة، وإماتة روح الجهاد فيها، وإفساد أخلاقها، وإقامة فواصل بينها وبين هويتها وثقافتها وتراثها، بمحاربة اللغة العربية وإحلال الفرنسية محلها، لتكون لغة التعليم والثقافة والتعامل بين الناس.

غير أن الجزائر لم تستسلم لهذه المخططات، فقاومت بكل ما تملك، ودافعت بما توفر لديها من إمكانات، وكانت معركة الدفاع عن الهوية واللسان العربي أشد قوة وأعظم تحديًا من معارك الحرب والقتال، وقد عبّر ابن باديس، عن إصرار أمته وتحديها لمحاولات فرنسا بقوله: “إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا لو أرادت، بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد، في لغتها، وفي أخلاقها وعنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج، ولها وطن محدد معين هو الوطن الجزائري.

نبذة عن حياة الشيخ عبد الحميد بن باديس

هو العلاّمة الإمام عبدالحميد بن باديس(1889-1940 م) من رجالات الإصلاح في الجزائر و مؤسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر

رائد النهضة الجزائرية، وأحد رجالات الجزائر الصامدة وعظمائها.

جدير بنا أن نذكر عبد الحميد بن باديس كلما أظلنا يوم 16 أفريل[نيسان]، فلقد كان رحمه الله أمة وحده، وقد وهب حياته في خدمة الجزائر وكرس حياته في العلم والمعرفة وبإتصالاته بكبار العلماء ،عاملاً على نشر العربية والإسلام وجميع مقومات الشخصية الجزائرية، ولقي في سبيل ذلك جفاء الأقربين، وحرب الأبعدين، فما كلَّ ولا ملَّ ولا استسلم حتى فارق الحياة. لذلك أرى من واجب الوفاء تجديد ذكراه وتقديم لمحات من حياته للجيل الصاعد المعتز بالعروبة والإسلام عساه أن يتخذ من حياة هذا الرجل العظيم مثال احتذاء ومنار اقتداء.

ولادته ونشأته

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 4 ديسمبر1889 م على الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 5 ديسمبر 1889 م في سجلات الحالة المدنية التي أصبحت منظمة وفي أرقى صورة بالنسبة لذلك العهد كون الفرنسيين أتموا ضبطها سنة 1886 م.

نشأ ابن باديس في بيئة علمية، فقد حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ أحمد أبو حمدان الونيسي، فكان من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الـديـنـي، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: “اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة”، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.

وقد عرف دائماً بدفاعه عن مطالب السكان المسلمين في قسنطينة.عبد الحميد ابن باديس ظاهرة عرفها التاريخ وعرفتها الجزائر،وهكذا ترعرع في أسرة لها تالد من علم وفضل يشهد به تاريخ الجزائر من عهد المعز بن باديس الصنهاجي إلى العهد العثماني، حيث كان أبو العباس أحميدة بن باديس من أشهر قضاة قسنطينة وأفاضل علمائها، غير أن العصور المظلمة قضت على ما كانت تتمتع به هذه الأسرة وغيرها من الأسر الجزائرية من علم ومجد وبطولة ورجولة، وكمنت تلك الخصائص والميزات إلى أن تجلت في عبد الحميد فكان همزة وصل ربطَ الأواخر بالأوائل، وجدد أمجاد الجزائر وأزال عنها غبار الخمول والنسيان.

دور الشيخ عبد الحميد بن باديس في مقاومة المستعمر الفرنسي

تعلمه

حفظ القرآن على الشيخ محمد بن الماداسي، وتلقى مبادئ العلوم على الشيخ حمدان الونيسي بجامع سيدي محمد بن النجار بقسنطينة وقد أخذ عليه عهداً بأن لا يعمل عملاً للحكومة ولا ينخرط في وظائفها، ووفى عبد الحميد بهذا العهد وأخذه على بعض تلامذته الذين توسم فيهم خدمة الصالح العام.

هجرته في طلب العلم

هاجر شيخه حمدان إلى الحجاز فتاقت نفس عبد الحميد إلى جامع الزيتونة فذهب إليه سنة 1908 فتلقى العلم على علمائه حتى أحرز على شهادة التطويع في العلوم ، وهي من أكبر الشهادات العلمية في ذلك العهد، وكان من شيوخه الذين لهم أثر في توجيهه العلمي الشيخ محمد النخلي رحمه الله ، والشيخ الطاهر بن عاشور حفظه الله.

سفره إلى الشرق

ما كاد يستقر بقسنطينة بعد عودته من تونس سنة 1912 حتى تحركت في نفسه دواعي التشوق إلى البقاع المقدسة، فحج واعتمر وجدد العهد بشيخه حمدان وزوده هذا برسالة إلى الشيخ محمد بخيت أحد علماء عصره في مصر، فاتصل به وبكبار الشيوخ، ورجع من هنالك بإجازات وأسانيد.

مباشرته للتدريس

عاد إلى قسنطينة ورابط بمسجد سيدي قموش يقضي بياض يومه في تعليم الشبان مبادئ العلوم والإسلام الصحيح، ويوجههم التوجيه الحسن. وعند إقبال الليل يلتفت إلى الكهول والشيوخ الملتفين حوله بالجامع الأخضر يدعوهم إلى الله على بصيرة ويذكرهم بأيام الله. فكانت مجالس دروسه كثيرة الزحام، تخرجت عليه طبقة من العلماء والأدباء امتازوا بعمق التفكير وصدق التعبير فكانوا بحق رواد النهضة الجزائرية في العلم والأدب والوطنية.

اشتغاله بالصحافة

كان من مؤسسي جريدة النجاح، ثم تخلى عنها، وأسس سنة 1925 جريدة المنتقِد، وتولى رئاسة تحريرها وأسند إدارتها للشهيد أحمد بوشمال، وكان من كتابها الشيخ مبارك الميلي، والشيخ الطيب العقبي، رحمهما الله، وقد نشرت في عددها السادس مقالاً للميلي تحت عنوان «العقل الجزائري في خطر»، كما نشرت في عددها الثامن قصيدة للعقبي تحت عنوان «إلى الدين الخالص» ومثل هذه القصيدة وذلك المقال يعد جراءة كبرى في ذلك العهد لتناولهما العادات المألوفة بالنقد والتجريح. وسارت على خطتها حتى عُطلت بقرار بعدما برز منها ثمانية عشر عدداً؛ فأصدر بعد ذلك جريدة الشهاب على خطة المنتقد ومباديه، فلاقت في سبيل ذلك ما لاقت من العناء والصعوبات قلم تلن قناتها لغامز، وتحالفت قوى الرجعية وكل هامز لامز على عبد الحميد حتى أصبح مهدداً في حياته.

شاهد ايضا : بحث مدرسي جاهز حول مجتمعات النحل

محاولة اغتياله

ففي سنة 1927 بينما هو متوجه إلى سكنه بعد خروجه من درس التفسير ليلاً، إذا بأحد الجناة يحاول اغتياله، فاستغاث الشيخ فألقى الناس القبض على الجاني قبل إتمام الجريمة، فهنأ الشعراء الشيخَ بالنجاة، وما زلت أذكر طالعَ قصيدة محمد العيد:

حمتْكَ يدُ المولى وكنتَ بها أولى * فيا لك من شيخ حمته يدُ المولى

مكانة الشهاب

للشهاب مكانة مرموقة في الشمال الإفريقي ، فما زلتُ أذكر أن الشيخ مصطفى بن شعبان بتونس رحمه الله كان يكتب في جريدة الشهاب ويعمل على نشرها كان يكتب فيها من المغرب الأقصى ويعمل على نشرها الأستاذ علال الفاسي والفقيه غازي وغيرهم من شباب الأمس وشيوخ اليوم.

عبد الحميد ونادي الترقي

في سنة 1927 أسس السادةُ الحاج مماد المنصالي ، محمود بن ونيش ، عمر الموهوب ، أحمد توفيق المدني ، وبعض الإخوان نادي الترقي ، فكان النادي ملتقى النخبة المفكرة سواء من كان منهم مقيماً بالعاصمة أو من كان وافداً عليها من الخارج. وكانت تلقى فيه المحاضرات والمسامرات ، وتقام فيه الحفلات ، فكان عبد الحميد كلما جاء إلى الجزائر يحاضر فيه أو يسامر أو يجمتع فيه بالشباب الناهض المتوثب من طلبة العلم والمفكرين ، فكان النادي بذرة صالحة للنهضة الجزائرية.

ولقد تكونت لجنة تحضيرية فيه انبثقت عنها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، وكان كاتب اللجنة الشيخ أحمد توفيق المدني ورئيسها السيد عمر إسماعيل رحمه الله.

عبد الحميد رئيس جمعية العلماء

تأسست جمعية العلماء بعد الاحتفال بمضي قرن على احتلال الجزائر فكان ذلك رداً عملياً على المحتفلين الذين كانت أصواتهم تردد الجزائر فرنسية وكان شعار العلماء المصلحين “الإسلام ديننا ، العربية لغتنا ، الجزائر وطننا” ، وقد ظهر هذا الشعار أول ما ظهر مكتوباً على كتاب الجزائر للشيخ أحمد توفيق ، ثم تناولته الألسنة والأقلام ولقن للتلامذة في المدارس وذلك سنة 1931، وفي 5 ماي [أيار] من هذه السنة اجتمع علماء القطرالجزائري بنادي الترقي فأسسوا جمعية العلماء وأسندوا رئاستها إلى عبد الحميد بن باديس بإجماع ، وكان غائباً حيث لم يحضر معهم في اليوم الأول ولا في اليوم الثاني ، وفي اليوم الثالث جاء إلى الاجتماع وألقى كلمة جاء فيها:

“إخواني ، إنني قد تخلفت عن جمعكم العظيم اليوم الأول والثاني فحرمت خيراً كثيراً، وتحملت إثماً كبيراً، ولعلكم تعذرونني لما لحقت في اليوم الثالث، وأذكر لحضراتكم ما تعلمونه من قصة أبي خيثمة الأنصاري لما تخلف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك ثم لحقه فقال الناس هذا راكب يرفعه الإل ويضعه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : كن أبا خيثمة ، فقالوا: هو أبو خيثمة ، فاعتذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل عذره ودعا له بخير . ومثلكم من كان له في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة.” هكذا كان يستلهم أقواله وأفعاله من السنة النبوية.

مبدأ عبد الحميد في الحياة

فالرجل قرآني ورباني استمد هذا من قول الله تعالى : (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلتم بالتي هي أحسن). وهذه الطريقة كان يسلكها مع جميع الناس سواء أكانوا من تلامذته ومريديه ، أم من خصوم فكرته ومناوئيه، ورغم هذا فلم تمضِ سنة على تأسيس جمعية العلماء حتى دخلت في معارك حامية مع أذناب الاستعمار ومع أصحاب البدع والخرافات، وأخذت تؤسس المدارس الابتدائية لتعليم الدين واللغة، وترسل وفود الوعاظ يجولون المدن والقرى، وكان عبد الحميد أسس بقسنطينة مدرسة التربية والتعليم وجعل لها فروعاً في القطاع القسنطيني وكاد التعليم يعم المداشر والقرى ، فأوجست الحكومة الفرنسية خيفة في نفسها فعطلت غالبية المدارس، وزجت ببعض المعلمين في السجون وحاكمتهم محاكمة المجرمين، فكان عبد الحميد يشجع أبناءه المعلمين على المقاومة ويثير حماس الجماهير، ويحتج على هذه المعاملة.

وفـاتـه

ظل عبد الحميد يواصل عمله، وهو مريض إلى أن اشتد عليه المرض وافته المنية في السادس عشر من أفريل سنة 1940..

خاتمة

يُمثل يوم العلم في الجزائر مناسبة وطنية عظيمة لتكريم الرموز الذين ساهموا في الحفاظ على الهوية الوطنية وتحرير العقول قبل تحرير الأرض. ويبرز اسم الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس كأحد أبرز هذه الرموز، حيث كان رائد النهضة الفكرية والإصلاحية، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي لعبت دورًا محوريًا في مقاومة الاستعمار الفرنسي عبر التعليم والتربية وإحياء القيم العربية الإسلامية.

لقد جسّد ابن باديس مقولته الشهيرة: “شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب”، مؤكدًا على وحدة الأمة وهويتها. ومن خلال مدارسه ومساجده، زرع بذور المقاومة السلمية، مُعدًّا جيلًا واعيًا حمل لواء الثورة الجزائرية.

وبالتالي، فإن يوم العلم ليس مجرد احتفالٍ بالعلم، بل هو إحياء لروح ابن باديس ورفاقه، وتذكيرٌ بدور المعرفة في بناء الأمم. فالعلم سلاحٌ يُحارب به الجهل والاستعمار، وهو الدرع الذي يحفظ كرامة الشعوب. ليبقى ابن باديس نبراسًا يُضيء دروب الأجيال، وشاهدًا على أن الأفكار العظيمة تُهزمُ بها الجيوش.

“إن الأمة التي تحسن صناعة الموت تعرف كيف تحسن صناعة الحياة.”
عبد الحميد ابن باديس

يوم العلم ليس مجرد ذكرى، بل رسالة تُذكّر بأن العلم هو أساس التحرر والنهضة. ويبقى ابن باديس نموذجًا للعالم المجاهد الذي حوّل الأفكار إلى سلاحٍ ضد الاستعمار.

“بالعلم تُبنى الأمم، وبالجهل تُهدم.”

الاسئلة الشائعة حول يوم العلم

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _  _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

نأمل أن تنال البوابة التعليمية الجزائرية  إعجابكم وأن يكون لها دور فعّال في تحقيق أهدافكم التعليمية.

إذا كان لديكم أي استفسار أو اقتراح أو تعليق بخصوص الموقع، فنحن في انتظار رسائلكم.

لا تنسوا دعمنا، فبدعمكم نستمر في تقديم المزيد من المحتوى المفيد للجميع، شكراً لكم!

ولا تنسوا الاشتراك في صفحة البوابة التعليمية الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي للبقاء على اطلاع على آخر المواضيع والمواد التعليمية.

يمكنكم متابعتنا على:

Facebook Comments Box

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى